ليس أثمن من الحرية في الحياة، وكما أن الإنسان مستعد للتضحية بأي شيء مقابلها فإن أقصى عقوبة ممكن توقيعها على شخص حيّ هي السجن (أو الحرمان من الحرية) ولكن الحرية تحتاج إلى حراسة أي ضوابط وإلاّ تحولت إلى فوضى، بل أنه كثيراً ما تكون الطاعة أكثر أماناً من الحرية، فثمن الحرية غالٍ جداً ومن ينال الحرية دون أن يعرف قدرها فقد تجلب له الويلات، مثل شخص يطلب مساحة أكبر يتحرك فيها، ولأنه لم يتدرب بشكل جيد على الحرية تكون النتيجة هي اتساع نطاق خطره !!.
والوجه الخارجي للحرية قد يكون رفض السلطة الخارجية في حين أن المعيار الحقيقي لها هو الحرية الداخلية "إن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحراراً " وهكذا قد يحتاج الإنسان أن يتحرر من حريته !!.
وفي المجال الأسري يتسبب خلط الأبناء بين الحرية والانفلات في إيجاد سبب لدى الأهل لإحكام السلطة الوالدية، في حين أن إظهار قدر كبير من المسئولية من شأنه أن يجعل هذه السلطة تتراجع. ففي الطفولة تكون سلطة الوالدين عند أقصى حد لها،غير أنها تتراجع قليلاً قليلاً أمام ازدياد شعور الابن بالمسئولية، حتى تصل إلى أدنى حد لها عند بلوغ الشخص، وسيكون الأهل في غاية سعادتهم لهذا، فلا شك أن ذلك قد جاء كنتيجة لتعب وسهر ونصح مخلص وطول أناة وحب متدفق.
يلاحظ أيضاً أن الحرية يجب ألاً تكون جزئية ! بل تعبر عن الشخصية كلها بكافة جوانبها، بمعنى أن الانحراف والإدمان والخروج على المألوف هو حرية جزئية، في حين يجب أن تخدم الحرية حياة الشخص بكاملها.