يقول السيد المسيح له المجد "أنا الكرمة الحقيقية وأبى الكرام. كل غصن فىّ لا يأتى بثمر ينزعه. وكل ما يأتى بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر .. اثبتوا فىّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتى بثمر من ذاته إن لم يثبت فى الكرمة. كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فىّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذى يثبت فىّ وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير لأنكم لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً. إن كان أحد لا يثبت فىّ يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه فى النار فيحترق"(1).
هذا المثل الذى قاله رب المجد يوضح لنا أنه كل انسان لابد أنه يكون له ثمار، ولكن ما هى هذه الثمار ؟
يقول يوحنا المعمدان للفريسيين والصدوقيين "يا أولاد الأفاعى من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتى. فإصنعوا أثماراً تليق بالتوبة .. لقد وُضعت الفأس على أصل الشجرة. فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتلقى فى النار. أنا أعمدكم بماء للتوبة. ولكن الذى يأتى بعدى هو أقوى منى الذى لست أهلاً أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس والنار. والذى رفشه(2) فى يده وسينقى بيدره ويجمع قمحه إلى المخزن. وأما التبن سيحرقه بنار لا تطفأ"(3).
والسيد المسيح قال لهم "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون. وقال هذا المثل "كان لواحد شجرة تين مغروسة فى كرمة. فأتى يطلب منها ثمراً ولم يجد فقال للكرام هوذا ثلاث سنين آتى أطلب ثمراً فى هذه التينة ولم أجد. أقطعها لماذا تبطل الأرض أيضاً. فأجاب وقال له يا سيد أتركها هذه السنة أيضاً حتى أنقب حولها وأصنع زبلاً. فإن صنعت ثمراً وإلا ففيما بعد تقطعها"(4).
(1)-(يو15: 1- 6). (2)- رفشه : الرفش أى المذرى وهى أداة خشبية مثل الشوكة الكبيرة تذرى بها المحاصيل مثل القمح والفول لفصل البذور عن التبن.
(3)-(مت13: 7- 12). (4)-(لو13: 5- 9).
ويقول الإنجيل "وفى الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع. فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد شيئاً إلا ورقاً فقط. فقال لها لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد. فيبست التين فى الحال"(1).
و لكى يكون لك ثـمار صالحة حاول تطبيق التدريبات الآتية :
1- تشبّه بالرجل الذى قيل عنه فى سـفر المزامير "طوبى للرجل الذى لم يسلك فى مشورة المنافقين. وفى طريق الخطاه لم يقف. وفى مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن فى ناموس الرب إرادته. وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً. فيكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياه التى تعطى ثمرها فى حينه، وورقها لا ينتثر وكل ما يصنع ينجح فيه"(2).
وكذلك كما يقول حزقيال النبى "وعلى النهر ينبت على شاطئه من هنا ومن هناك كل شجر للأكل لا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره. كل شهر يبكر لأن مياهه خارجة من القدس. ويكون ثمره للأكل وورقه للدواء"(3).
2- ينصح القديس بولس الرسول أهل فيلبى أن يكونوا مملوئين من ثمر البر فيقول لهم "حتى تميزوا الأمور المتخالفة لكى تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح. مملوئين من ثمر البر الذى بيسوع المسيح لمجد الله وحمده"(4).
ويقول بولس الرسول للعبرانيين "فلتقدم به فى كل حين لله ذبيحة التسبيح أى ثمر شفاه معترفة بإسمه"(5).
3- شرح رب المجد فى مثل لتلاميذه أن هناك أنواع من الناس تثمر، ولكن بكميات متفاوتة فقال "خرج الزارع ليزرع زرعه. وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فانداس وأكلته طيور السماء. وسقط آخر فى وسط الشوك
(1)-(مت21: 18، 19). (2)-(مز1: 1- 3). (3)-(حز47: 12).
(4)-(فى1: 10، 11). (5)-(عب13: 15).
فنبت معه الشوك وخنقه. وسقط آخر فى الأرض الصالحة فلما نبت صنع ثمراً مائة ضعف .. الزرع هو كلام الله .. والذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتى إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا ويخلصوا والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح. وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين وفى وقت التجربة يرتدون. والذى سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً والذى فى الأرض الجيدة هم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها فى قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر"(1).
وفى إنجيل مرقس يقول "الذين زرعوا على الأرض الجيدة. الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويثمرون واحد ثلاثين وآخر ستين وآخر مائة"(2).
4- والمرأة لها نصيب فى الثمار فالمزمور يقول "طوبى لكل من يتقى الرب ويسلك فى طرقهاــ لأنك تأكل تعب يديك. طوباك وخير لك. إمرأتك مثل كرمة مثمرة فى جوانب بيتك بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك"(3).
5- الثمر محتاج إلى الصبر لذلك يقول القديس يعقوب الرسول "فتأنوا أيها الأخوة إلى مجئ الرب. هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر.. ها نحن نطوّب الصابرين. قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب. لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف"(4).
6- و الثمر أيضاً يحتاج إلى حكمة فى تدبير أمور الانسان، لذلك يقول يعقوب الرسول "وأما الحكمة التى من فوق فهى أولاً طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة وأثماراً صالحة عديمة الريب والرياء. وثمر البر يزرع فى السلام من الذين يفعلون السلام"(5).
(1)-(لو8: 5- 15). (2)-(مر4: 20). (3)-(مز128: 1- 3).
(4)-(يع5: 7- 11). (5)-(يع3: 17، 18).
7- حذرنا رب المجد من الأنبياء الكذبة فقال "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم هل تجتنون من الشوك عنباً ؟ أو من الحسك تيناً ؟ هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة. وأما الشجرة الردية فتصنع أثماراً ردية .. كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى فى النار. فإذن من ثمارهم تعرفونهم"(1).
8- إحترس من الكلام الباطل لأنه يؤدى إلى الهلاك واهتم بثمر الروح كما يقول بولس الرسول إلى أهل أفسس "لا يغركم أحد بكلام باطل، لأنه بسبب هذه الأمور يأتى غضب الله على أبناء المعصية. فلا تكونوا شركاءهم، لأنكم كنتم قبلا ظلمة وأما الآن فنور فى الرب. اسلكوا كأولاد نور. لأن ثمر الروح فى كل صلاح وبر وحق مختبرين ما هـو مرضى عند الرب. لا تشتركوا فى أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحرى وبخوّها"(2).
9- اهتم بثمر الروح الذى يذكره بولس إلى أهل غلاطية قائلاً "إسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون. ولكن إذا إنقدتم بالروح فلستم تحت الناموس .. وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف .. فإن كنا نعيش بالروح فلنسلك أيضاً بحسب الروح"(3).
10- يقول سليمان الحكيم "ثمر الصديق شجرة حياة ورابح النفوس حكيم"(4).
ويقول أيضاً "الإنسان يشبع خبزاً من ثمر فمه. ومكافأة يدى الإنسان ترد له"(5).
(1)-(مت7: 15- 20). (2)-(أف5: 6- 11). (3)-(غلا5: 16- 22).
(4)-(أم11: 30). (5)-(أم12: 14).
ليتنا نسلك بالروح، فتثمر بالبر، ونمتلئ بالثمر، حتى إذا جاء مخلصنا الصالح يجد الشجرة مثمرة فيكون لنا نصيب معه فى ملكوته نأكل من الشجرة السمائية الذى قيل عنها فى سفر الرؤيا "هناك شجرة حياة تصنع اثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها. وورق الشجرة لشفاء الأمم"(1).
"طوبى للذين يصنعون وصاياه لكى يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلون من الأبواب إلى المدينة"(2).
(1)-(رؤ22: 2). (2)-(رؤ22: 14).