قُبلة يهوذا

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
ها نحن نستقبل عيداً من أقدس الأعياد، عيداً نتذكر به آلام مخلصنا الرهيبه، وفداؤهُ لنا، وكما قال بولس في 1كو8:5  "إذاً لنعيّد ليس بخميرة عتيقه ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الاٍخلاص والحق".
"لنعيّد" لا مرة واحدة في السنة، بل كل يوم، كل لحظة، لكي تبقى صورة دم الذبيح في مخيلتنا كل أيام الحياة مقدمين لهُ سجودنا وإكرامنا.
في تأملي هذا نقرأ عن  حياة شخص دنّس العيد، إنه يهوذا الاسخريوطي الذي إختاره الرب بعد ليلة قضاها في الصلاة، وهو لم يخترهُ إعتباطاً، ولا إختاره ليكون خائناً. فمن المؤكد أنه كان يملك وزنات،  لعلها تُستَثمَر وتُستخدم على أفضل صورة، ولكن دون جدوى. وقد إختاره أميناً للصندوق، فيا للمكانة الممتازة التي تمتع بها يهوذا بين الإثنيّ عشر!! ولكنهُ رفض تحذيرات الرب حول التغلب على محبة المال، ورفض بإصرار محبة المسيح لهُ وباع نفسه بجملته للشيطان وهذا أهلّهُ ليرتكب جريمته بتسليم سيده وهذا عندما إقتحم أقداس سيده، فإن جثسماني كان مكان خلوة محببة عند الرب يسوع، ولكن يهوذا رجل هانت عليه المقدسات فداسها غير هّياب، ولم يرع الحُرمات. فعندما نتأمل اسلوب خيانته تفشل كل المحاولات لإخفاء إنحطاط يهوذا أو إضفاء دوافع محترمة بشكل أو بآخر عليه. فهوعلى هامة فجوره وضع أنكر المُنكرات عندما إختار علامة خاصة بها يسلم سيدهُ لأعدائه وهي القبلة "وقع على عنق السيد وقبلهُ"، لقد قبله بطريقة إستعراضية للغاية. وبذلك ألبس يهوذا الطهارة والنقاء ثوب النفاق والرياء. إنها فعلة تُستنكَر ما دام في العالم محبة طاهرة بلا رياء. إنها جريمة ضد القلب البشري والعواطف النبيلة، ولكن لم يشعر بها أحداً من الناس كما شَعر الرب بها. ولكن يهوذا كان مقتنعاً ان يسوع لن يقاوم القبض عليه.
لقد تألم الرب بطرق شتى، آلام أفسدت وجهه المحب، فعليه سالت قطرات عرق وكأنها دم، وعليه لُطم بأيدي العبيد وبُصقَ أيضا، ومزقهُ الشوك، ولكن ما نفذت فعلة خسيسة اٍلى قلبه مثل ما نفذت تلك القبلة الخائنة، الغادرة(مز55: 12-14). كانت القبلة علامة التلمذة، ففي الشرق كان التلاميذ يُقَبلون معلميهم، وتكرار القبلة كان معناه تكرار تجديد الولاء، إنها علامة القبول والرضا والترحاب، إنها رمز المحبة والوفاء، إستخدمها لتسليم سيدهُ، وأن يُسلِّم الإنسان المسيح تحتَ أي ظرف فهذا شر رهيب. أما أن يستخدم القبله علامة التسليم فهذا معناه أن الإنسان صار إبناً لجهنم بكل معنى الكلمة. وبقلب جريح من وخز الخيانة قال الرب "أبقبله تسلّم ابن الأنسان؟". ومن كان يتصوّر مثل هذه الرقة التي ظهرت في ظرف كهذا؟! في نظر الكثير كان من الأنسب أن يقول لهُ "إذهب عني يا شيطان" لكن الرب اسمعهُ صوته كنبرات أب مُحب أراد أن يرُد نفس الإبن السائر في طريق الغواية. وها هو يقرع قرعة أخيرة على باب قلبه معطيه فرصة أخيرة للتوبة.
لقد أنكر بطرس سيده، لكن الفارق كبير بين بطرس ويهوذا، فبطرس انكر سيده وهو يظن ان سيده لا يراه ولا يسمعه، وبمجرد ان التفت الرب ناظراً اليه عند صياح الديك. ويالها من نظرة مفعمة بالحب والحنان أذابت قلب بطرس ولم يقوى على البقاء لحظة في مكان الخطية. أما يهوذا فقد تقدم وقال له: "السلام ياسيدي" وقَبّلهُ. مالِكَ وللسلام يا يهوذا، وقد جئتَ كعَدّو. وهل تحترم هذا السيد الذي أسلمته بقبلة؟! ومع هذا أراد أن يرُد نفسك ورفضت، بالفعل كما قال الرب: خير لهذا الانسان لو لم يولد. فهذا أفضل أن يعيش حياة بدون إيمان، ويموت دون رجاء، ويمضي إلى أبدية دون المسيح!
عزيزي القارئ، لتكن صرخة قلوبنا في هذا العيد: "نحبك من كل القلب ونحيا بكل أمانة لك" (رومية 8:14) ذاكرين قول بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورونثوس 12:13 "سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ" عاكسين صورة المسيح ومحبته النقية.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم